طالبات الثانوية يفرغن شحنات «الكبت» على طاولات المدرسة !
إحدى قصات الأيمو رسمتها طالبة على طاولتها المدرسية
رسمات عيون وقصائد غرامية على طاولة أخرى
رسوم وعبارات الغرام الأكثر انتشاراً
إحدى قصات الأيمو رسمتها طالبة على طاولتها المدرسية
المدينة المنورة، تحقيق - مالك معيض
أجمل الصور، والفساتين، وآخر موديلات البنات، وقصات الشعر، وأبيات الشعر، والنثر، وكلمات الحب، والغرام، كل ذلك يمكنك مشاهدته على طاولة طالبة في أحد فصول مدارس الثانوية.
ويفسّر الكثيرون هذا السلوك على أنه جزء من التنفيس الذي "تفضفض" فيه الطالبة بعيداً عن محيط الأسرة، ومؤسسات المجتمع الأخرى، وتجد في هذه المساحة الصغيرة مكاناً للتعبير عن "كبت" عانت منه طويلاً، ولا تزال!.
بينما يفسر البعض ذلك على أنه سوء سلوك بتشويه طاولة المدرسة، وإهدار المال العام، والكتابة ونحت الرسومات غير المنسجمة مع البيئة التعليمية.
"الرياض" بحثت هذه الظاهرة، خاصةً مع بداية العام الدراسي الجديد، مع عدد من الطالبات والمعلمات وأطباء النفس لإيجاد حلول للحد من انتشار الظاهرة.
رسمات عيون وقصائد غرامية على طاولة أخرى
هموم وتربية
يقول "د.أحمد بن حفيظ حافظ" عضو المجلس الاستشاري الأعلى للصحة النفسية والاجتماعية في المملكة وعضو الجمعية السعودية للطب النفسي: إنه يوجد نوعان من الرسم الإرادي وغير الإرادي، الأول جيد، لكن الآخر يحتاج للتشخيص لمعرفة دوافعه النفسية، مضيفاً أن رسم الطالبة على طاولتها في الفصل يعكس همومها أو مشكلاتها التي تعاني منها وتخجل من طرحها للناس، فتلجأ إلى نثرها على الطاولة، مشيراً إلى أن ذلك يدل على طالبة خجولة وطالبة غير واثقة من نفسها، ذاكراً أن تربية الأسرة في المنزل هي ما يعكس تصرفات ابنتهم في المدرسة.
وأوضح "د.حافظ" أن هناك علاقة بين مستوى الذكاء والرسومات و"سيمات" الشخصية تكشفها طاولة الطالبة، مضيفاً أنه يمكن إشغال طاقة البنات في أمر إيجابي، فمثلاً في طب النفس عندما يكون طفلك مزعجاً يمكن شراء كراس وألوان له وسوف تتخلص من مشاغبته عندما ينشغل طول الوقت في الرسم، رافضاً فكرة إقرار عقوبات مالية على الطالبة التي يثبت تورطها في تخريب الطاولات أما بالنحت أو بالرسم، مبيناً أن تربية الأسرة أهم من ذلك، إلى جانب أهمية رفع كفاءة المعلمات في الشرح ووضع لهن دورات تدريبية في الشرح وتفعيل الحصة والمشاركة بعيداً عن الشرح الروتيني الممل، مشيراً إلى أنه من العلاج زيادة الحصص الترفيهية وعدم كبت الطالبات، مطالباً بافتتاح صالات رياضية لكرة القدم والسلة وغيرها من الرياضات في مدارس البنات، لما لها من آثار ترفيهية وصحية تعود عليهن بالنفع.
رسوم وعبارات الغرام الأكثر انتشاراً
خيال شعري
وتحدثت الطالبة "منال المطيري" قائلةً: عندما يكون الشرح مملاً أو تكون هنالك حصة فراغ أسرح قليلاً ويظهر ذلك على أرض الواقع، ولا أجد أمامي سوى طاولتي التي أنثر بها إبداعاتي وأفكاري، وكذلك قصص وصور من حياتي، مبينةً أنها تحرص جيداً أن لا تراها معلمتها وهي تفعل ذلك، مضيفةً أنها لا تجيد الرسم جيداً لكنها تهوى كتابة القصائد وعشق النحت لكتابة أسماء وعبارات من خيالها تعبر عن مشاعرها.
غير حضاري
وتوضح الطالبة "أمجاد الجهني" أنها تدرك أن ذلك مخالف ومنظر غير حضاري، إلا أنهم ليسوا جميعاً متعلقين بالرسم، مؤكدةً أنها وقعت في حرج شديد عند انتقالها للصف الثاني ثانوي، عندما تفاجأت بصور متنوعة تم رسمها على طاولتها في الفصل.
وتشاطرها الطالبة "عفاف المهيدل" الرأي قائلةً لو افترضنا أن هنالك غرامات مالية على الطالبات المخالفات والتي يثبت تورطهن في رسم تلك الصور أو العبارات الخادشة للحياء، لتوقفت هذه الظاهرة فوراً، لكن مع إهمال وزارة التربية والتعليم زاد الأمر سوءًا وأصبحنا نشاهد على طاولات الفصول كل شيء ممنوع!.
قدوة حسنة
وتقول "مريم الحربي" أخصائية اجتماعية في منطقة القصيم: إن المشكلة ليست في الطالبة، بل هي ظاهرة قد تحدث حتى للمعلمات، حيث نجد العديد من طاولات مربيات الأجيال مليئة بتلك الرسومات أو الكتابات، بل إن بعض المعلمات يلجأن إلى حساب درجات الطالبات على طاولتهن، مؤكدةً أنه من خلال ذلك قد تكتسب الطالبة تلك التصرفات من معلمتها التي يفترض أن تكون قدوة حسنة خاصة وهي أمام طالباتها.
طالبات الثانوية
وتوضح المعلمة "نوال القرني" من مدينة جدة أن السبب الرئيس وراء انتشار هذه الظاهرة هن الطالبات في المراحل المتقدمة "الثانوية"، إلا أنها بدت تنتشر مؤخراً في المراحل المتوسطة والابتدائية بسبب تناقلها بين الطالبات، وكذلك تغيير الطاولات بين فصول المدرسة دون تنظيفها، مما زاد من انتشارها كل عام، مشددةً على أنهن كمعلمات يسعون قدر الإمكان إلى توعية الطالبات للحد من هذه الظاهرة، ببرامج وتغيير أسلوب الشرح وكذلك عمل نشاط لتنظيف الطاولات.